الخفاش الاسود
مُشرفــﮯ ألعابــﮯ ©P
عدد الرسائل : 21 العمر : 34 رقم العضوية : 33 التقييم : الجنس : المهنة : الهواية : نقاط التميز : 20 الأوسمة : : تاريخ التسجيل : 04/09/2008
| موضوع: المحامي براك كليب : الانتخابات البلدية .. الخميس نوفمبر 06, 2008 7:28 am | |
| (الانتخابات البلدية- فرصة لتحسين الادارة السليمة وجودة الخدمات لسكان السلطات المحلية) باتت انتخابات السلطات المحلية قاب قوسين وادنى, وبدأنا نلاحظ صور المرشحين تملأ المحاور المركزية في شوارع المدن, حتى كادت تغطي كل لوح اعلانات, مفترق طرق وعامود كهرياء. وفق الافتراض الديمقراطي الكلاسيكي, فان هذه المرحلة التي يحاول فيها ممثلو الجمهور كسب ثقة الجماهير, تشكل عاملا اساسيا لخلق محفزات ايجابية للسلطة الحالية للدأب على تحسين الخدمات المتوفرة للمواطن كي تنتخب مجددا; اما بالنسبة لاولئك الذين يصبون الى مقاعد السلطة, فإن الانتخابات تشكل حافزا ايجابيا للالتزام بتصريحات حول برنامج عمل قد يمتحن المرشح على اساسه خلال الفترة الانتخابية. الى جانب الاحتفالات التي ترافق الانتخابات, وقدرتها بان تشكل محفزاً ايجابياً لتعزيز مسؤولية الممسكين بزمام الحكم والسلطة تجاه المواطن, هنالك احداث شتى تجري هذه الايام تثير شكوكاً حول امكانية تحقيق الافتراض الديمقراطي الكلاسيكي والمتفائل المذكور اعلاه على ارض الواقع. في السلطات المحلية الصغيرة, ذات العدد القليل من المنتخبين, قد تتعرض الاجراءات الانتخابية لضغوطات عدة من قبل الحمائل والعائلات التي يعتبر دعمها حيويا من اجل الفوز بالانتخابات. وما يقلق في هذا المجال هو ان تؤدي الانتخابات الى أن يستغل المرشحون منصبهم لتفضيل مصالح العائلة او المجموعة التي فازوا بفضلها على المصلحة العامة والاوسع لكافة السكان. حتى البلدات الكبيرة التي تخلو من سيطرة عائلة او حمولة معينة, قد تطغى فيها المصالح الاقتصادية لممولي الحملات الانتخابية على المصلحة العامة - اذ ان تكاليف هذه الحملات ترتفع بطبيعة الحال مع ازدياد عدد المنتخبين ولهذا هناك حاجة لمساعدة ودعم اناس كثر من اجل الفوز بالانتخابات. لذلك, فان آلية الانتخابات, التي تتيح للمواطنين فرصة استبدال ممثليهم مع نهاية كل دورة انتخابية تثير مخاوفاً من ان يكون ممثلو المواطنين قد خرجوا من المعركة الانتخابية محملين بالتزامات ووعود تقيدهم في عملهم, وعود للحمولة او لذوي المصالح والتي لا تتماشى مع المصلحة العامة الواسعة. وأين وزارة الداخلية؟ حسب نموذج المراقبة المتبع في اسرائيل, فان مقابل العوامل المذكورة اعلاه والتي تشكل دوافعا لادارة غير سليمة ومضرة بجودة الخدمات في السلطات المحلية, على وزارة الداخلية التي تعتبر مسؤولة عن اداء السلطات المحلية وعملها, ان تبني رقابة فعالة. الا ان الانطباع السائد هو ان وزارة الداخلية في كثير من الحالات لا تؤدي عملها بصورة سليمة ولا توفق بشكلٍ صحيحٍ بين المحافطة على استقلالية السلطات المحلية من جهة والعمل في الحالات والمجالات التي تتطلب تدخلا منها من جهة اخرى. هذا الاستنتاج يعتمد على العديد من الابحاث والمقالات التي وجهت نقداً للطريقة التي توظف بها وزارة الداخلية ادوات المراقبة التي بحوزتها. الأبحاث أشارت الى أن القصورات في تحديد العلاقة بين الحكم المركزي والمحلي في اسرائيل والقصورات في استخدام ادوات المراقبة, تؤدي الى نتائج غير محبذة. فعلى سبيل المثال, احدى نتائج الافتقار الى توازن سليم هو الاخلال بالقدرة على توزيع الصلاحيات, كما ان عدم وجود مثل هذا التوازن يشكل ارضا خصبة لظواهر منافية للعدالة العامة وللمساواة بين السلطات. زيادة الطلب على "سلعة" الإدارة السليمة اذن, ماذا بوسع سكان السلطات المحلية العمل من اجل تقليص ظواهر الفساد ومسبباتها التي ناقشناها اعلاه؟ كيف بمقدورنا تخفيف الشكوك من ان تباع المناقصات لاحد المقربين من رئيس البلدة بعد الانتخابات أو رهن الآلية البلدية لتعيينات سياسية ووعود في اطار اتفاقات ائتلافية تهدف لمنح امتيازات شخصية لممثلي الجمهور, عائلاتهم واقربائهم؟ يلعب سكان السلطة المحلية دوراً مركزياً وهاماً في معالجة عوامل الفساد على اختلافها, وذلك اثناء فترة الانتخابات وبعدها. بامكاننا التوقف عند مجالين اساسيين للنشاط الجماهيري للسكان: مجال النشاط الاول, هو عن طريق تشكيل "طلب للادارة السليمة" بالشكل الذي يؤدي الى بلورة الوعي والإدراك لدى المرشحين أن الجمهور يكافئ الاعضاء او يعاقبهم بحسب أدائهم في هذا المجال تماشيا مع المصلحة العامة والواسعة. لبلورة الادراك والوعي بما يتعلق "بطلب الادارة السليمة", باستطاعة الجمهور, قبل كل شيء, ان يمنح هذا الاعتبار الاهمية الكافية عند الادلاء بصوته. هذا هو بيت القصيد من ناحية المرشحين, وفي اللحظة التي يتبين لهم ان الاداء السليم يعود عليهم بالفائدة, ستزيد بصورة مدهشة احتمالات التمتع بادارة سليمة وسلطة ملتزمة بالمصلحة العامة حتى بعد انتهاء الانتخابات. ثانيا, بمقدور الجمهور طرح الأسئلة والتوقعات للمرشحين في قضايا الادارة السليمة في اطار احداث الانتخابات وفي اطار لقاءات مختلفة - بمبادرة المواطنين او بغير مبادرتهم - مع المرشحين, الامر الذي يجعل المرشحين يدركون الأهمية الكبيرة التي يوليها الجمهور لهذا المجال. اما مجال النشاط الآخر, فهو واجب عدم غض الطرف عن اي معلومات يملكها المواطن تكشف النقاب عن ادارة غير سليمة من قبل ممثلي الجمهور او النظام التابع لهم . على خلاف المجال الاول, فان هذا المجال متعلق بالظروف وغير مفتوح في كل الاوقات. في هذا السياق, من المستحسن ان يقوم اي مواطن وصلته معلومات حول اتفاقيات غير لائقة, تبرعات غير قانونية او اي خطوة منافية لما ينص عليه القانون بنقل تلك المعلومات لمعالجة المؤسسات القانونية. الاعلام ايضا يعتبر احد اهم اللاعبين في هذا المضمار, اذ يكون نقل مثل هذه المعلومات للاعلام ذا تأثير قوي ورادع. كما ان ابواب الحركة من اجل جودة السلطة مفتوحة على مصراعيها لكل المواطنين او السكان الذين يأتونها بمعلومات حول اعمال فساد وبتعهد الحفاظ على سرية اسمائهم وتفاصيلهم. على الجمهور ان يخلق هذا "الطلب للادارة السليمة", ومطالبة المرشحين المتنافسين "باجندة" الادارة السليمة, ايماناً وادراكاً منهم ان هذه "سلعة" بدونها يفقد نظام العمل في السلطات المحلية كماله. ليس هناك تعليم جيد دون ادارة سليمة, ليس هناك شوارع جيدة دون ادارة سليمة, ليس هناك تطوير وبنية تحتية دون ادارة سليمة. وهنا من الجدير ان نذكر بحثا تجريبيا مميزا نُفذ في اوغندا, التي صنفت حسب منظمة "شفافية عالمية"(T.I) كواحدة من اكثر الدول فسادا في العالم, وقد كشف هذا البحث انه في المعدل فقط 13% من الاموال التي حولت للسلطات المحلية لاهداف تربوية وصلت فعلاً الى وجهتها الصحيحة, بينما استُخدم السواد الاعظم من هذا المال على يد ساسة وموظفين لاهداف شخصية او لاهداف لا تمت بصلة للهدف الذي نقلت الاموال من اجله. السؤال هو هل سنستطيع في الانتخابات القادمة - التي تفصلنا عنها بضعة ايام - ان نرى في حقنا في الانتخاب "وسيلة تقييم" للمرشحين, تقييم يعكس قيمتهم الحقيقية باعيننا, دون تسهيلات ودون غض الطرف عن سجل نظافة أيدي المرشحين في عملهم الجماهيري؟ وهل سيبين استطلاع سوق السياسيين - الذين يتمتعون بقدرة لملاءمة انفسهم للرأي العام والسائد - ان الشعب ناضج كي يحكم عليهم بهذا الشكل الموضوعي؟ إن الاجابة بنعم على هذين السؤالين سترفع بشكل حاسم الاحتمال ان نحظى مع نهاية هذه الانتخابات بممثلين ملتزمين اكثر بمصلحة الجمهور, كل الجمهور, ومع اقل التزامات مخفية لا تعكس مصلحة الجمهور واحتياجاته. (المحامي براك كليب- مدير الطاقم القانوني في الحركة من اجل جودة السلطة) | |
|